على الشرفاء الاعتراض على اتفاقية العار

على الشرفاء الاعتراض على اتفاقية العار
idoz

عودة بشارات

على أي إنسان شريف محاسبة نفسه، والتساؤل عن الدور الذي يلعبه في عملية إنهاء الاحتلال حتى عند إعداده وجبة عشائه. فإذا كانت مركبات وجبة عشائه تخدم هذه القضية فهنيئًا له، وإن لم تكن كذلك فعليه إذًا تبديلها. بدون مبالغة، فلا يمكن اعتبار هذا الشخص ذو أخلاق وباحث عن العدالة إذا كانت دولته تنكل تحت آسمه بشعب آخر.

يسأل الأهل الشرفاء أبنائهم “من أين لك هذا”؟ اذا ما عادوا للبيت يوما يحملون غنيمة، ومن ثمة يستوضحون ما إذا كانوا يرافقون ثلة من الجانحين. أما الأهالي غير الشرفاء، فسينقضّون على الغنائم بالرغم من الشبهات التي تحوم حولها، سواء كان مصدرها احتيالا على رجل مسنّ أم سرقة شخص عاجز.

إنّ اتفاقية العار مع الإمارات العربية المتحدة هي “اتفاقية من وراء ظهر الفلسطينيين”، فقد اعتبرها خبير الشؤون الشرق أوسطية يوسي أميتاي اتفاقية هدفها دعم استمرار قمع الفلسطينيين. وبمعنى آخر كانت رسالة الإمارات واصلوا احتلالكم للأراضي الفلسطينية، وسنبارك التطبيع. وفي هذه الأثناء لا يصمت الحكماء بل يواصلون الرقص فرحا. لا يتمادى الشرفاء بطرح أسئلة وقحة، فما يهمّ في هذه الحالة الإبن، أو بالأحرى الأب الذي عاد بالغنائم، بغض النظر عما إذا كان الثمن استغلال مُسن ما أو دعس شعب كامل. وما أن انتشرت كلمة “تطبيع” كالنار في الهشيم، حتى وصل الأدرينالين في هيئات التحرير الصحفية، في الاستوديهات التلفزيونية والإذاعية وعلى شبكات التواصل الاجتماعي قمته. وعليه أغرق الصحافيون الشرفاء حاكم الإمارات بأطنان مديح وثناء، حيث كتب ناحوم برنياع ” يعود فضل إبرام الاتفاقية له”، وقال أمنون أبراموفيتش محلل قناة 12 عنه “يستحق تهنئة حارة وصادقة”، بينما غرّد عيران زينغر محلّل قناة كان قائلا لقد عجَّل حاكم الإمارات من عملية “إنشاء دولة فلسطينية”.

هل يجوز لنا مطالبة هؤلاء الشرفاء، وغيرهم، فحص البضاعة التي وافقوا على اقتنائها أولًا؟ حيث تشمل بضاعة نتنياهو الجديدة إبرام اتفاقية مع نظام حكم قمعي يضطهد، يلاحق ويُخفي مواطنينا وسكانا أجانبا، ويستغل العمالة الأجنبية خاصة النسائية منها. دعونا لا ننسى أنّ ضلع الاتفاقية الثاني دونالد ترامب، الذي يجسد الجنون بعينه حين يتعلق الأمر بالعلاقات بين الدول وبني البشر. ولا داعي للإسهاب في وصف الضلع الثالث ،بنيامين نتنياهو، المتهم بالرشوة، الاحتيال والإخلاف بالوعود.

أود تذكيركم بأنّ شهرعسل إسرائيل وشاه إيران انتهى بثورة كان عدواها الرئيسيان بعد الشاه، الولايات المتحدة وإسرائيل. ساهم دعمهما للشاه في ظهور وتعزيز تيارات رجعية، متطرفة ومعادية لأبناء الشعب الإيراني ولكل ما تفوح منه رائحة الديمقراطية أو حقوق الإنسان. لمَ حدث ما حدث؟ لاستماتة إسرائيل والولايات المتحدة بدعم وحشية الشاه.

يؤسفني تعكير صفو الشرفاء والادعاء أنّ اتفاقية “السلام” هذه، كاتفاقيات سلام الأخرى، ستظل خاملة في معبد الخِداع. يعي الشرفاء جيدا أن هذه الاتفاقية ليست باتفاقية سلام، ولكن تبنيهم لها سيرضي ضمائرهم التي تميل للصمت في كلّ مرة يسعى فيها قائد عربي فاسد للتقرب من دولة الاحتلال. أذكركم بأنّ بحرًا شاسعًا يفصل بين الاستقبال الحار الذي حظي به الرئيس إسحاق نافون الذي ألقى خطابًا بليغًا باللغة العربي في مجلس النواب المصري، وبين المقاطعة التامة لإسرائيل من قبل الشعب المصري. سرعان ما اتضح بعدها أنّ هذا السلام كان تمهيدًا لحرب، فبعد مرور بضع سنوات على توقيع اتفاقية السلام مع مصر تم غزو واحتلال نصف لبنان.

ولكن السؤال الذي يجب طرحه هنا، كيف دعمت اتفاقيات السلام السابقة حتى الآن رفاهية الفلسطينيين؟ هل يستطيع الرئيس السيسي تحرير أسير فلسطيني واحد؟ هل يستطيع الملك عبدالله منع هدم سقيفة واحدة في وادي الأردن؟ كلا، فالحصول على لفتة كريمة واحدة من حكومة إسرائيل مستحيل!

لا بد من كلمة أخيرة لأشقائنا في الإمارات، إذا أردتم تطبيع العلاقات مع إسرائيل- فتفضلوا طبّعوا. ولكن لم تدّعون كذبا أن الاتفاقية تخدم القضية الفلسطينية؟ أتجرحون وتَذرون ملحا على الجروح؟

Skip to content